في قمة المناخ كوب28 فرصة للغرب لتقديم التعويضات

غالبا ما يشدد الغرب على الجانب الأخلاقي عندما يتعلق الأمر بقضايا عالمية حرجة مثل التغيرات المناخية، مؤكدا على الحاجة إلى العمل والمساءلة، ولكن عندما يتعلق الأمر بتحمل المسؤولية عن الانبعاثات الكربونية التاريخية، فإن الدول المتقدمة غالبا ما تتخلف عن الوفاء بالتزاماتها.

 

وهذا التفاوت بين الأقوال والأفعال له آثار كبيرة، لا سيما بالنسبة للدول المعرضة للخطر، حيث سلط صندوق الخسائر والأضرار الضوء على ذلك التباين، ويعد الصندوق إنجاز مهم لقمة المناخ كوب 27 التي عقدت العام الماضي في مصر.

 

وقد أثرت زيادة شدة الكوارث المناخية واتساع نطاقها وتكرارها بشكل غير متناسب على البلدان النامية، كما يتضح من مؤشر مخاطر المناخ العالمي لعام 2021، وكانت دول الجنوب النامي من بين أكثر 10 أقاليم وبلدان تضررا بين عامي 2000 و 2019.

 

ولعبت مجموعة الـ 77 والصين دورا محوريا في تضمين تمويل الخسائر والأضرار في أجندة COP27، وانصب التركيز على صياغة هذه الآلية باعتبارها التزاما عالميا بدلا من اعتبارها مسؤولية أو تعويض، وكانت النتيجة اعترافا جماعيا بالآثار غير المتماثلة لتغير المناخ وخطوة نحو تصحيح تلك الاختلالات.

 

ولكن الطريق إلى عمل وتشغيل  الصندوق معبد بالصعاب،  حيث ألقى الطريق المغلق الذي وصل إليه اجتماع عقد في شهر أكتوبر بشأن هذا الموضوع بظلال من الشك على تلك العملية، لا سيما فيما يتعلق بآليه وعمل  الصندوق.

 

ولحسن الحظ، تم تحقيق انفراجة في اجتماع ثاني في أبو ظبي في وقت سابق من هذا الشهر،  وسيشكل  النص المعتمد هناك أساسا للقرار النهائي لقمة المناخ  في دبي في شهر ديسمبر، وحتى قبل بدء الاجتماع، فإن الاتفاق بشأن الخسائر والأضرار لديه بالفعل القدرة على أن يصبح أحد أعظم إنجازات القمة.

 

ولكن حتى في خضم التقدم المحرز، يكشف النص المعتمد عن ثلاث قضايا تلمح إلى مدى صعوبة تنفيذ عمل الصندوق، وسيكون نجاح قمة المناخ في دبي في معالجة تلك القضايا اختبارا لالتزام المجتمع الدولي بالعمل نحول حلول مناخية عادلة.

 

وتتعلق نقطة الخلاف الأولى بتحديد المساهمين في الصناديق، حيث تطالب الدول النامية بالتزامات مالية من الدول المتقدمة، في حين تؤكد الولايات المتحدة وأوروبا أن الاقتصادات الناشئة، ولا سيما الصين ودول الخليج مثل المملكة العربية السعودية، يجب أن تتقاسم المسؤوليات المالية بشكل منصف.

 

وخلال الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر قمة المناخ في دبي، ورد أن الوفد السعودي أشار إلى “الإخفاقات التاريخية في الالتزامات والثغرات في العمل” من قبل الدول الغربية أثناء الثورة الصناعية وبعدها، وهو رأي يشاركه العديد من القادة في البلدان النامية.

 

وتملك الدول الغربية تاريخ حافل بالتقصير في تمويل خطط العمل المناخية، ولم يتم الوفاء قط بوعد عام 2009  بتوفير 100 مليار دولار سنويا للبلدان النامية بحلول عام 2020. لقد حان الوقت للدول الغربية لتطابق أقوالها مع افعالها وقمة المناخ في دبي هي المكان المناسب لذلك.

 

وفي حين أن العالم النامي يقبل التمويل من مصادر غير حكومية مثل القطاع الخاص والجماعات الإنسانية، فإن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الحكومات الغربية، وقد يعني الفشل في تكاتف الجهود إما أن يظل صندوق الخسائر والأضرار معطلا، أو أن حجمه صغير جدا بحيث لا يؤثر بشكل كبير على التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.

 

والتحدي الرئيسي الثاني لقمة المناخ في دبي هو تحديد الدول التي يجب أن تستفيد من الصندوق، ففي قمة المناخ في مصر، أثار تعريف “الضعفاء بشكل خاص” نقاشا ساخنا، ولاتزال تلك المسألة من دون حل، ويجب على قمة المناخ في دبي توضيح ذلك. إنها قضية معقدة، ويتجاوز تقييم الخسائر والأضرار العوامل الاقتصادية البسيطة ليشمل الخسائر غير الملموسة والتي يصعب قياسها، مثل تلك الخسائر الناجمة عن التغيرات البيئية التدريجية.

 

وهناك أيضا فجوة بين ما تعيشه المجتمعات المتضررة والبيانات التي تجمعها الحكومات والمنظمات، وقد تبدو التأثيرات المحلية أكثر إلحاحا من السياق المناخي الأوسع، مما يعقد إنشاء استجابات فعالة.

 

ويدور التحدي الثالث حول موقع الصندوق وطريقة إدارته، حيث فضلت الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وضع الصندوق داخل منظمة البنك الدولي، وهي الفكرة التي عارضتها البلدان النامية بشدة.

 

وكانت المعارضة متجذرة في المخاوف من أن نموذج التمويل القائم على القروض الذي يتبناه البنك الدولي غير مناسب للبلدان النامية المثقلة بالديون، وأن عملية صنع القرار في البنك كانت متأثرة بشدة بمانحيه الرئيسيين، وخاصة الولايات المتحدة، وعلاوة على ذلك، أدت الرسوم الإدارية المرتفعة المرتبطة بالبنك الدولي إلى زيادة مقاومة الفكرة.

 

وعلى الرغم من تلك التحفظات، قدمت البلدان النامية تنازلا كبيرا بالموافقة على ترتيب مؤقت حيث سيتم عمل الصندوق ضمن البنك الدولي لمدة أربع سنوات، في ظل شروط تشمل الوصول المباشر إلى المنح وشمولية الدول غير الأعضاء في البنك الدولي، ولكن إذا لم تتم تلبية بقية مطالب العالم النامي، فبإمكانه بسهولة الغاء ذلك التنازل.

 

وبالتالي ، تواجه قمة المناخ في دبي مهمة حاسمة في عمل صندوق الخسائر والأضرار، وإذا نجحت في تلك المهمة، فإن الشهر المقبل في دبي سيمثل انتصارا كبيرا لدول الجنوب وتلك المجتمعات التي تحملت وطأة الانبعاثات التاريخية لدول الغرب، هذه الخطوة الهامة يمكن أن تحول الموازين نحو مستقبل مناخي أكثر عدلا وانصافا.

 

أديتيا سينها: موظف في مركز أبحاث مهمة خاصة في المجلس الاستشاري الاقتصادي لرئيس وزراء الهند.

 X: @adityasinha004

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: