الحرب بين غزة وإسرائيل هل تُعتبر سوريا بيدق في حرب إيران مع إسرائيل؟

تستمر تداعيات هجوم حماس على إسرائيل الذي وقع في 7 أكتوبر، حيث هناك العنف في الضفة الغربية وجنوب لبنان بالإضافة إلى الوضع المتفجر في غزة، وسوريا هي الجبهة الرابعة في حرب إسرائيل والتي قد تشتعل في أي لحظة.

 

ولا يملك النظام السوري الموارد أو الرغبة في مهاجمة إسرائيل وجها لوجه، لكن وجود العديد من القوات المدعومة من إيران داخل البلاد، بما في ذلك حزب الله وميليشيات الحشد الشعبي العراقي، يفتح الباب أمام آخرين لتوجيه ضربات بالنيابة عن النظام، وسيزداد هذا الاحتمال مع استمرار تصاعد الأعمال العدائية على الجبهات الأخرى.

 

و كان الرد الرسمي للحكومة السورية  على الضربات الانتقامية الإسرائيلية على غزة  إلى الآن هو بيانات الإدانة والعمل مع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين لتهدئة الوضع، ومع ذلك، كانت الخطوط الأمامية السورية مع إسرائيل مشتعلة.

 

وأطلقت قذائف الهاون من سوريا باتجاه مرتفعات الجولان في 10 أكتوبر، والتي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967. وردت إسرائيل بنيران المدفعية على سوريا، وبعد يومين، شنت إسرائيل ضربات متزامنة على مطاري دمشق وحلب، مما أخرج المطارين عن العمل.

 

وتشير المصادر إلى أنه بالإضافة إلى تعطيل طرق إمدادات الأسلحة الإيرانية، فإن العمليات الإسرائيلية، التي تزامنت مع الزيارة المزمعة لمسؤول أجنبي إيراني إلى سوريا، ربما كانت بمثابة تحذير لإيران لتجنب استخدام وكلائها لضرب الأراضي الإسرائيلية، ولكن إذا كان ذلك هو القصد، فمن الواضح أن إيران لم تسمع التحذير، حيث أثار هجوم صاروخي آخر، انطلق من سوريا في 14 أكتوبر وابلا ثانيا من الصواريخ الإسرائيلية على مطار حلب في الوقت الذي استأنف فيه عملياته.

 

ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الضربات على إسرائيل، ولم يوجد أي ذكر من قبل وكالة الأنباء السورية الرسمية عن ما جرى، ومع ذلك، تشير المصادر إلى أن كلا الهجومين نفذتهما جماعة فلسطينية تابعة لحزب الله.

 

وبالنظر إلى النطاق المحدود لتلك العمليات، فمن المحتمل أنها كانت تصريحات سياسية أكثر من كونها جهودا لشل القدرات الإسرائيلية، وفي حين أن النظام السوري قد يكون  مترددا في التعامل مباشرة مع إسرائيل، إلا أن وكلاء إيران يمكنهم توجيه ضربات في أي وقت، وهذه الرسالة مهمة: في المناطق التي تعمل فيها الميليشيات غير السورية، فإن طهران، وليس دمشق هي من يأخذ القرار.

 

وقد يكون الهدف الآخر هو إبقاء القوات الإسرائيلية المتمركزة على طول الحدود السورية مشغولة وغير قادرة على الانخراط في العمليات في غزة، وتحقيقا لتلك الغاية، قد يزداد تواتر تلك الهجمات مع اشتداد حدة القتال في غزة، كما أن الضربات المحدودة تمنح إيران ووكلاءها وسيلة لدعم المقاومة الفلسطينية دون التورط في صراع أوسع.

 

ولن تبقى الضربات محدودة على استهداف إسرائيل، حيث هددت مؤخرا قوات الحشد الشعبي العراقية، مع ميليشيات أخرى مدعومة من إيران، باستهداف المراكز الأمريكية في  المنطقة، بما في ذلك القواعد داخل سوريا، إذا ما تدخلت الولايات المتحدة في الحرب بين حماس وإسرائيل، أو إذا وسعت إسرائيل ساحة المعركة.

 

ومن جانبها، تريد إسرائيل إظهار استعدادها للانخراط على جبهات متعددة والرد خارج حدودها إذا تم استفزازها، من خلال إطلاق النار على أهداف داخل سوريا، وتسعى إسرائيل إلى تذكير إيران بأن الصراع المستمر في غزة لم يعيق قدرتها على تعطيل تحركات ميليشيات طهران.

 

ومن غير الواضح إلى أي مدى سيذهب الجانبان لإيصال تلك الرسائل، ففي الوقت الحالي، لا يزال الاستهداف المتبادل هو الخيار الأكثر احتمالا. وقد التزم الخلاف المستمر بين إسرائيل وحزب الله، في معظمه، بقواعد اشتباك غير مكتوبة بين الطرفين.

 

ومع ذلك، فإن مواجهة عسكرية أكبر مع المقاتلين في سوريا ليست مستحيلة، وإذا انتشر العنف، فمن المرجح أن يكون مدفوعا بالتصعيد الإسرائيلي ضد حزب الله في لبنان، ومع تأكيد كل من «حزب الله» وإسرائيل على الانتقام من كل هجوم والإشارة إلى استعدادهما لتجاوز الحدود، سيزداد خطر حدوث عواقب غير مقصودة.

 

وسيزداد احتمال انتشار العمليات العسكرية مع مرور الوقت، مدفوعا بالصراع المطول بين إسرائيل وغزة، والانهيار المحتمل لحماس كقوة مقاتلة، وارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين، وليس من المستحيل تخيل سيناريو تتصاعد فيه الحرب إلى جبهات أخرى، من سوريا إلى العراق وإلى أماكن بعيدة مثل اليمن.

 

وبعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، تجد سوريا نفسها مرة أخرى أمام أزمة قابلة للانفجار وحرب إقليمية تؤججها إيران، وفي حين أن دعم الشعب السوري لفلسطين لا يتزعزع، فإن استخدام السوريين كبيدق على رقعة الشطرنج في صراعات الآخرين ليس هو الطريقة التي يريد من خلالها السوريين التعبير عن تضامنهم.

 

الدكتور حايد حايد هو كاتب عمود سوري وزميل مشارك استشاري في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تشاتام هاوس. X: @HaidHaid22

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: