الحرب المشتعلة بين غزة وإسرائيل نهاية الوضع الراهن

تغير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تغير جذري، حيث شنت حماس هجوما غير مسبوق على الجيش الإسرائيلي والمدنيين المحيطين بقطاع غزة المحاصر بدعم من إيران، وإلى وقت كتابة هذا التقرير، قتل أكثر من 1,600 إسرائيلي وفلسطيني، وأخذ أكثر من 100 رهينة إسرائيلي إلى غزة.

 

ولا يعرف أحد تبعات هذا الهجوم، ولكن هناك شيء واحد واضح وجلي، وهو إن سياسة إسرائيل المستمرة منذ عقود في محاصرة ملايين الأشخاص في منطقة صغيرة مثل غزة هي سياسة غير مستدامة.

 

إن احتمال نشوب صراع إقليمي هو احتمال وراد في ضل قيام الولايات المتحدة بنقل مجموعة حاملة الطائرات  إلى شرق البحر المتوسط وضرب إسرائيل لأهداف داخل لبنان، ومع ذلك، فإن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين هو الذي سيتغير جذريا بسبب هذا الهجوم. لقد مارست إسرائيل واحد من أطول الاحتلالات العسكرية وأكثرها تطورا في التاريخ الحديث في غزة والضفة الغربية، وتشكل هذه السيطرة على حياة الفلسطينيين حجر عثرة كبيرة في طريق حل الصراع.

 

وكانت سياسة إسرائيل الأمنية تجاه الفلسطينيين في العقود الأخيرة هي “إدارة الصراع“، حيث انخرطت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في جولات دورية من العنف مع حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة تحت مظلة الأمن والردع وتغيير المعادلة، ولم تكن تلك الحملات أكثر من مجرد قصف غاشم لغزة، وتأتي دائما تقريبا بخسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين.

 

وخلال فترات الهدوء، خنق الاحتلال والحصار المفروض على غزة حياة الفلسطينيين، مما غذى الغضب الشعبي الذي بدوره اعطى الدعم والمساندة لحركة حماس، وتصنف العديد من الدول في الغرب الجماعة الإسلامية المتشددة التي تحكم غزة على أنها إرهابية، وكما رأينا يوم السبت، فهي مستعدة لاستخدام العنف من دون تمييز لمهاجمة إسرائيل.

 

لقد اعتاد الإسرائيليون على ذلك النمط لدرجة أنهم استسلموا على ما يبدو إلى شعور زائف بالأمن، ولا يمكن للمرء أن يلومهم، فالاقتصاد الإسرائيلي مزدهر، ووقعت إسرائيل العديد من اتفاقيات التطبيع التاريخية مع الدول العربية الكبرى وكانت على وشك توقيع صفقة مع المملكة العربية السعودية. وباختصار، تطورت إسرائيل كما لو أنها لم تكن تشرف على نظام عسكري قامع. وكان الوضع الراهن في صالح الإسرائيليين حتى نهاية الأسبوع الماضي، وفي الوقت نفسه، أدى التطبيع بين إسرائيل والدول العربية والحكومات الإسرائيلية المتشددة  إلى عزل الفلسطينيين ونسيانهم.

 

ونتيجة لذلك الشعور الزائف بالأمان، فوجئت المؤسسة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية بأخطاء عملياتية خطيرة في ذلك الهجوم، وحقيقة أن أجهزة الاستخبارات التي تتباهى بها البلاد، والتي كان يعتقد أنها من بين الأفضل في العالم، كانت غير قادرة تماما على توقع هذا الهجوم هي قضية ستصيب المجتمع الإسرائيلي لسنوات قادمة. وبالنظر إلى قبضة إسرائيل الخانقة على غزة، فمن اللافت للنظر أن «حماس» حصلت على ما يكفي من المواد لإرسال أكثر من  5000 صاروخ إلى إسرائيل في اليوم الأول من الهجوم، واكتسبت المجموعة أيضا التكنولوجيا المستخدمة في تشويش الاتصالات اللاسلكية الإسرائيلية اثناء دخول المسلحين إلى البلدات المحاذية للحدود.

 

ولعل الجانب الأكثر إثارة للجدل في هذا التحول في تكتيكات «حماس» هو عدد الرهائن المدنيين والعسكريين، ففي حين أن الأرقام الدقيقة غير معروفة، فقد تم احتجاز أكثر من 100 إسرائيلي كرهائن، بما في ذلك النساء والأطفال، وتهافت الإسرائيليون للعثور على معلومات عن أحبائهم، وقال أحد الأقارب لبلومبرغ إنه لم يتحدث معه أي عضو عسكري عن موقع زوجته وأطفاله الصغار، وقال: “لم يتصل بي أحد، اتصلت بالشرطة، اتصلت بقيادة الجبهة الداخلية، وبالمجالس المحلية”.

 

وسئل الإسرائيليون أين كان جيشهم خلال ذلك الهجوم المروع، حيث تم غزو مدن بأكملها والهجوم على مهرجان موسيقي في ضل عدم وجود أي جندي إسرائيلي في المنطقة، ووفقا لمنظمات مثل منظمة  “كسر الصمت”، وهي مجموعة إسرائيلية من قدامى المحاربين، لم يكن الجيش مستعدا لحماية المدنيين على حدود غزة لأنهم كانوا منشغلين بحراسة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

 

وغردت المجموعة: “نرسل جنودا لتأمين توغلات المستوطنين في مدينة نابلس الفلسطينية، لمطاردة الأطفال الفلسطينيين في الخليل، لحماية المستوطنين أثناء قيامهم بمذابح، والمستوطنون يطالبون بإزالة الأعلام الفلسطينية من شوارع حوارة، وتم إرسال الجنود للقيام بذلك. لقد قررت بلادنا منذ عقود، أنها مستعدة للتنازل عن أمن مواطنيها في بلداتنا ومدننا من اجل فرض السيطرة على ملايين السكان المدنيين المحتلين، كل ذلك من أجل أجندة استيطانية ماسونية”.

 

والآن، تواجه إسرائيل تحديات على عدة جبهات، فعندما يصف غبار المعركة، ستكون هناك مناقشات صعبة حول الإخفاقات العديدة داخل الجيش وجهاز الاستخبارات، ويجب أن تكون هناك أسئلة حول سبب التركيز على حماية المستوطنات وترك البقية ليدافعوا عن أنفسهم.

 

إن خيارات إسرائيل محدودة في غزة، وقد بدأت إسرائيل هجوما جويا واسع النطاق على القطاع ومن المتوقع أن تتبعه عملية برية ضد حماس، وقد يؤدي ذلك إلى احتمال إعادة احتلال أجزاء من غزة، وتعهدت إسرائيل بالرد بقوة أكبر من أي وقت مضى، ولكن هناك شيء واحد مؤكد: إن العنف سيتفاقم قبل عودة هدوء.

 

جوزيف دانا كاتب مقيم في جنوب أفريقيا والشرق الأوسط، وقد قدم تقارير من القدس ورام الله والقاهرة واسطنبول وأبو ظبي، شغل سابقا منصب رئيس تحرير امرج85 ، وهو مشروع إعلامي مقره أبو ظبي لاستكشاف التغيير في الأسواق الناشئة.

 

 

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

Get our newest articles instantly!

Thank you! Your coupon code will be sent to your email once your details are verified.

Unlock Your 50% Discount!

Choose your status: