
قد يكتسب الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي بقيادة روسيا عضوًا جديدًا في القريب العاجل: إنها إيران. ولأنها محاصرة بسبب رعايتها للجهات المسؤولة عن المصائب في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والعمل في ظل العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة، تعتقد طهران أنها بحاجة إلى تعزيز العلاقات مع جيران ربما على استعداد لقبولها. وفي الواقع، يبدو أن إيران تعتقد أن العضوية في الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي هي صفقة تامة، على الرغم من أن أعضاء الكتلة قد نفوا استلامهم أي طلب رسمي. وأعلن “محمد باقر قاليباف”، رئيس البرلمان الإيراني، خلال زيارته إلى موسكو في 10 فبراير/شباط، أن إيران “ستنضم بشكل دائم إلى الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي في غضون أسبوعين”. وبالرغم من مُضي هذا التاريخ، فإن مثل هذا التفاؤل سابق لأوانه بمراحل كثيرة.
وردًا على هذا القول، قال “ميخائيل مياسنيكوفيتش”، رئيس مجلس إدارة اللجنة الاقتصادية الأوروبية الآسيوية، “إن الاتحاد الأوروبي الآسيوي يريد من إيران أن تتبنى “وجهة نظر خاصة بشأن التعاون مع الكتلة الأوروآسيوية”، وليس في هذا القول ترحيب حار بإيران. وشدد مسؤولون آخرون في الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي على أنه يجب على إيران التقدم بطلب رسمي للعضوية – وربما في هذا تحذير مستتر من أن إيران قد لا تتمكن من تجاوز الإجراءات المطلوبة.
وفي ظاهر الأمر، هناك أسباب تدفع طهران وموسكو إلى دعم انضمام إيران إلى الكتلة. فالمنطقة الاقتصادية هي سوق متكامل يضم 180 مليون شخص بإجمالي ناتج محلي يزيد عن “5” تريليون دولار أمريكي. وتشجع المنطقة الاقتصادية على حرية حركة السلع والخدمات، ويمكنها صياغة سياسة مشتركة في مجالات رئيسية مثل الطاقة والزراعة والنقل والجمارك والتجارة الخارجية والاستثمار.
وكانت إيران قد أبرمت بالفعل اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروآسيوي منذ عام 2018. وفي عام 2020، زاد حجم التبادل التجاري بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي بنسبة 2٪، متجاوزًا “2” مليار دولار أمريكي، على الرغم من جائحة فيروس كورونا المستجد “كوفيد -19”. وشكلت المنتجات الغذائية والمواد الخام الزراعية معظم هذه التجارة في كلا الاتجاهين – حيث يقدم الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي “80%” من البضائع إلى إيران، وتقدم إيران بدورها “68%”. ومن شأن الانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي تحسين وضع إيران الاقتصادي والسياسي على مستوى العالم، ومساعدتها، ولو جزئيًا على الأقل، في تعويض تكلفة العقوبات الأمريكية.
وعلى الجانب الروسي، تريد موسكو طريقًا آخر إلى أسواق الشرق الأوسط، وهو ما جعل الكرملين يدعم وبشدة إنشاء طريق نخجوان – وهو طريق بري لا يربط أذربيجان بأراضيها المُحاطة بين تركيا وأرمينيا في نخجوان فقط، بل يربطها أيضًا بروسيا وتركيا – وقطعًا – بروسيا وإيران. إن خط السكك الحديدية المستقبلي بين روسيا وإيران، والذي يمر عبر أذربيجان وأرمينيا، سيعزز قطعًا العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وكذلك العلاقات التجارية بين إيران والدول الأعضاء في الكتلة الأوروآسيوية.
ومع ذلك، هناك تساؤل حول مدى تقبل دول الشرق الأوسط العربية لمرور البضائع الروسية عبر إيران. وقد يكون هذا السبب في رد موسكو الفاتر على احتمال انضمام طهران إلى الكتلة الأوروآسيوية.
وفي الواقع، هناك عدة أسئلة هامة بدون إجابة حول قبول عضو جديد في الكتلة الأوروآسيوية، والتي تتكون من أرمينيا وبيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان، بالإضافة إلى روسيا. وهناك أوزبكستان ومولدوفا وكوبا بصفتهم مراقب.
ومن غير المستبعد أن تؤدي العلاقات الاقتصادية الأوثق إلى علاقات عسكرية أقوى. وانتهى الحظر الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على شحنات الأسلحة التقليدية إلى إيران في أكتوبر/تشرين الأول، ومن المعروف أن إيران مهتمة بشراء نظام الدفاع الجوي S-400 الروسي المضاد للطائرات، فضلاً عن مقاتلات سوخوي “سو-30”. ولكن من شبه المؤكد أن مثل هذه الصفقة ستصعد التوترات بين موسكو وواشنطن، وتدق أجراس الإنذار في دول الخليج العربية.
وهناك علاقة روسيا مع العدو اللدود لإيران، وهي إسرائيل. ولم يمنع الروس إسرائيل من قصف أهداف إيرانية في سوريا، على الرغم من تشغيل أنظمة الدفاع S-400 في المنطقة. وكانت روسيا هي الوسيط في عملية لتبادل الأسرى بين حليفتها سوريا وإسرائيل في فبراير/ شباط، وهناك شائعات عن مفاوضات جارية حول القضايا الإنسانية، وحتى بشأن المسائل الجيوسياسية الأكبر.
وبعيدا عن التكهنات، بات معروفًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” قد تباحث مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بشأن استمرار التنسيق بين البلدين في ظل تطورات الأمن الإقليمي. فهل كانت إيران أيضًا على جدول الأعمال؟. يجب على موسكو، بعد كل هذا، أن تحافظ على أفعالها الدقيقة والمتزنة، وأن تحمي مصالحها الجيوسياسية. لقد أدى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات والدول العربية الأخرى إلى تغيير ديناميكيات المصالح في المنطقة، مما أدى إلى زيادة التوازن نحو التحالف الخليجي المناهض لإيران. فكيف تستفيد روسيا من الشرق الأوسط الجديد؟.
وأخيرًا، هناك دول سابقة لإيران تنتظر دورها للانضمام إلى الاتحاد الأوروآسيوي. وسوريا واحدة منها، كما أعربت 40 دولة أخرى عن رغبتها في تطوير التعاون التجاري والاقتصادي مع الكتلة. وبعد إعلانه عن أن إيران ستنضم قريبًا إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، قال “قاليباف” أيضًا إنه حمل “رسالة بالغة الأهمية” من المرشد الأعلى “علي خامنئي”. وقد تكون موسكو تكتب هي الأخرى رسالتها الخاصة التي لا تقل أهمية لإرسالها إلى طهران.
نيكولا ميكوفيتش، محلل سياسي في صربيا. وتنصب أعماله في الغالب على السياسات الخارجية لروسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا، مع اهتمام خاص بالطاقة و”سياسات خطوط الأنابيب”.